تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مصر تستعين بالإمارات لمواجهة أزمة نقص القمح في صوامعها

مصدر الصورة
وكالات

يُجمع محللون على أن الاتفاق على توفير القمح، الذي أبرمته مصر مع الإمارات، من أهم سبل التعاون الزراعي العربي الذي يحد من تزايد أزمات الغذاء، وهي خطوة استباقية تحسبا للمزيد من السخونة في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مع اعتماد القاهرة على البلدين في شراء القمح.

القاهرة - توقع وزير التموين المصري علي المصيلحي الأحد أن تبدأ بلاده في يناير المقبل جني ثمار الاتفاق المبرم مع شركة الظاهرة الإماراتية لشراء قمح مستورد منها، وأن عملية الشراء ستجري عبر المناقصات التنافسية المعتادة للهيئة العامة للسلع التموينية.

وألقت الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية بظلالها على عدد من الدول العربية والأفريقية فيما يتعلق بالحصول على الحبوب، خاصة القمح والسلع الغذائية الأساسية.

وكان لمصر نصيب من ذلك، حيث واجهت أزمة في شح العملات الأجنبية تسببت في لجوئها إلى الاقتراض من مؤسسات عالمية لتوفير رغيف الخبز للأفراد.

ووقعت مصر اتفاقية بقيمة 500 مليون دولار لشراء القمح من الظاهرة، ونص الاتفاق على استيراد شحنات بقيمة 100 مليون دولار سنويا على مدى خمس سنوات، مع توفير التمويل من مكتب أبوظبي للصادرات، وهو ذراع تمويل الصادرات لصندوق أبوظبي للتنمية.

وتواكب الاتفاقية أهداف مصر الإستراتيجية وتقدم لها الدعم في توفير حزمة متكاملة لشراء قمح عالي الجودة بكلفة قليلة مع شروط دفع ميسرة. وكانت القاهرة تجري محادثات مع الجانب الإماراتي للحصول على قرض بقيمة 400 مليون دولار لتمويل واردات القمح، وبالتالي التمويل الراهن فاق توقعات السلطات.

عباس شراقي: منح أبوظبي القمح لمصر من توشكى أو استيراده خطوة ناجحة

وتقوم شركة الظاهرة بزراعة نحو 70 ألف فدان في منطقة توشكى بجنوب مصر، مع التركيز على المحاصيل الأساسية، وتعد أكبر منتج خاص للقمح والذرة في مصر، بجانب إنتاجها من البصل وبنجر السكر والسمسم والحمضيات والذرة الرفيعة وعلف الماشية. وتوفر الشركة ما يقرب من 85 في المئة من إنتاج مزارعها في السوق المصرية، ما يخفف عن الحكومة عبء الاستيراد.

وتلقت مصر، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، الدعم من مؤسسات دولية لتمويل واردات القمح منذ تسبب الحرب بأوكرانيا في اضطراب أسواق الغذاء العالمية، فضلاً عن تفاقم أزمة نقص العملات الأجنبية في البلاد.

وقدم البنك الدولي والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة معًا قروضا بمليارات الدولارات لتمويل واردات البلاد من القمح وسط ارتفاع أسعار المحصول وصعوبات في السداد بسبب أزمة شح العملات الصعبة. وأكد المصيلحي أن لدى بلاده مخزونا من الاحتياطي الإستراتيجي للقمح في صوامعها يكفي لمدة 4.7 شهر.

وتستثمر الظاهرة في نحو 32 دولة حول العالم عبر شراء آلاف الأفدنة وزراعتها، وهي مؤهلة لتصدير منتجاتها إلى العديد من الدول، وهذه سياسة تسير عليها الإمارات، وفي معظم المجالات توجد شركة إماراتية متطورة تنافس الشركات العالمية.

وتبرهن الخطوة على الذكاء الإماراتي في الإدارة بكفاءة وإيجاد فريق عمل قادر على التطوير، وهو ما تحقق من استثماراتها في توشكى جنوب الصحراء الغربية وتفوقها على الحكومة والشركات المصرية التي وقفت عاجزة أمام تلبية حاجة البلاد إلى القمح.

ومن شأن الخطوة الإماراتية تحقيق الأمن الغذائي في مصر، لكنها تجلب تنافسًا في الأسواق قد يؤثر بالسلب على المزارعين المحليين من أصحاب المساحات الزراعية المحدودة، وفي النهاية ربما يمتنعون عن بيع المحصول للحكومة.

وتترجم الخطوة الراهنة عمق الدعم الإماراتي المستمر للقاهرة كدليل على التعاون الوطيد بين البلدين، كما يعد القرض الإماراتي وسيلة دعم ميسرة لأكبر بلد عربي من حيث عدد السكان. وقال عباس شراقي خبير الزراعة والمياه بجامعة القاهرة إن "التعاون المشترك في هذا المجال يقوم على توريد القمح من أي مصدر سواء بالكمية المحدودة التي تُزرع في توشكى أو من دول أخرى، وهي خطوة وفكرة ناجحة".

وتعد الخطوة الراهنة إيجابية في ظل أزمة العملات الأجنبية بمصر وعدم قدرة الحكومة على توفير الدولار لاستيراد القمح.

كما أنقذت الإمارات الحكومة المصرية من تعنت التجار في الأسواق العالمية وشروطهم التي تكررت في الفترة الماضية، حيث طالبوا بضرورة السداد النقدي الفوري عند الشراء ورفضوا تطبيق سياسة السداد الآجل الذي تسير عليه مصر.

وأضاف شراقي لـ"العرب" أن "الاتفاق الحالي حل ناجز لأزمة القمح وتوفيره في مصر، ويمنح الشركة الإماراتية حرية توفيره من أي مكان"، مستبعدا أن تقوم شركة الظاهرة بزراعة مساحات كبيرة من القمح على حساب محاصيل أخرى في مصر.

ونشبت أزمة القمح في مصر مع تفاقم مشكلة نقص الدولار، وليس لارتفاع سعره عالميا، وحدث صعود محدود عقب انسحاب موسكو من مبادرة تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وإذا هبط سعر القمح إلى النصف فستظل مصر في أزمة بسبب شح العملات الأجنبية.

ويتوفر القمح عالميا دون أدنى صعوبات، إذ تصدره نحو 22 دولة، لكن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على 25 في المئة من المعدل العالمي، وما شهدته الأسواق الدولية من عدم استقرار بشأن القمح جزء منه بسبب تغيرات المناخ والجفاف.

عبدالمجيد حسن: الاتفاق يحفز نمو الاقتصاد ونقل الخبرات وتوفير الوظائف

وهذا الوضع أدى إلى زيادة الطلب على القمح من جانب بعض الدول، وهو ما تبعه نمو الإقبال عليه على حساب البلدان النامية والفقيرة، بما قاد إلى رفع أسعار القمح.

ويحد الاتجاه الخليجي نحو الزراعة في دول أفريقية من تزايد أزمات الغذاء، وهي سياسة تفضلها دول عديدة، لأن دول الخليج لديها سيولة جيدة وتستطيع توفير التمويل اللازم، فيما تتمتع أفريقيا بتوافر الموارد من المياه والأرض.

وأكد عبدالمجيد حسن، عضو جمعية مستثمري الإسكندرية، أن التعاون الزراعي العربي والأفريقي يسهم في تحقيق الأمن الغذائي في المنطقة. وشرح أن ذلك يتم من خلال بيع وتوزيع جزء من المحاصيل في الدول التي تتم الزراعة فيها، وجزء للدول التي تقوم بالزراعة، مع تصدير المتبقي إلى الدول المجاورة، العربية والأفريقية.

وتنتهج كل من الإمارات والسعودية سياسة ترمي إلى الاستثمار في الدول الأفريقية في المجال الزراعي، وعلى رأس الدول التي تشهد اهتمامًا خليجيًا إثيوبيا والسودان.

وقال حسن لـ"العرب" إن "هذه السياسة حال نجاحها سوف تعزز استثمارات القطاع الخاص والشركات العاملة في القطاع الزراعي والإستراتيجيات الاقتصادية للدول لتمكين القطاع الخاص، مع نقل الخبرات وتوفير فرص العمل".

وأوضح أن هذا التعاون يعود بالنفع على الدول الخليجية، لأنها لا تملك مقومات كافية للزراعة، وتعد مشروعات منتجة أفضل من إيداع الأموال في البنوك الغربية أو شراء سندات، وترفع من نمو وتطور اقتصاد الدول الأفريقية.

ويلعب التوجه الخليجي نحو أفريقيا دورا مهما في مواجهة توغل قوى أخرى للفوز بالثروات الطبيعية في القارة، حيث تتصارع بعض الدول للانتشار بشكل واسع في القارة.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.