تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رئيس عربي طلب من البرادعي عدم الترشح لرئاسة مصر

مصدر الصورة
sns - اليوم السابع

 

المشكلة الحقيقية في مسألة ترشيح الدكتور محمد البرادعي لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة عام2011 لم تعد في الأحزاب الصغرى التي تستغل اسمه، ولا في رؤساء تحرير صحف الحكومة الذين جعلوا من الهجوم عليه واجباً مدرسياً لإرضاء أهل الحكم في قصر العروبة، فتلك مشاكل هامشية بجوار الفخ الأكبر الذي سقط فيه الرجل خلال الفترة الأخيرة وهو فخ الضغوط.

منذ اللحظة التي طرح فيها اسم الدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية كمرشح للانتخابات الرئاسية وهو يتعرض لكمية من الضغوط أهم مايميزها أنها مختلفة، وتصدر من أطراف هم في الأصل خصوم واضحون، ولكنهم اجتمعوا علي طحن الرجل أسفل ضغوطهم، النوع الأول من الضغوط هو الذي تابعناه علي مدار الفترة السابقة وقام به رجال المعارضة لإجبار الرجل علي التصريح بأنه جاهز للترشيح، تقابله حملة ضغوط أخري قام بها رجال الصحف الحكومية ومثقفو السلطة الذين بدأوا حملة لإرهاب الرجل من أجل إثنائه عن مجرد التفكير في خوض ذلك السباق الرئاسي، وبين ضغوط هؤلاء ومدافع إرهاب الآخرين ظهر طرف آخر في مفاجأة لم تكن متوقعة ليمارس ضغوطا من نوع جديد علي الدكتور محمد البرادعي، فقد استغل أحد الرؤساء العرب حالة التعارف التي جمعته بالدكتور البرادعي للضغط علي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية من أجل الاعتذار بشكل واضح وعلني عن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية في مصر، ليضع بنفسه حدا للجدل الدائر في مصر حول شخصه.

الطلب الرئاسي الذي فاجأ به زعيم الدولة العربية الشقيقة الدكتور محمد البرادعي جاء علي خلفية علاقة تعارف ربطت بين الزعيم العربي والدكتور البرادعي علي خلفية مكالمة هاتفية أجراها الرئيس العربي مع الدكتور البرادعي لتهنئة بجائزة نوبل في 2005 أعقبها احتفال علي نطاق ضيق بالدكتور البرادعي وجائزته، ثم توطدت هذه العلاقة بشكل أكبر مع اشتعال وضع الملف الإيراني النووي، خاصة بعد الدعوة التي أطلقها الدكتور البرادعي حينما كان مديراً لوكالة الطاقة الذرية وطالب من خلالها رؤساء الدول العربية بضرورة التدخل في تسوية الملف النووي الإيراني وعدم الاكتفاء بالمراقبة عن بعد.

الرحلات المكوكية للدكتور محمد البرادعي لمتابعة الملف الإيراني كانت سببا في لقائه بالرئيس العربي أكثر من مرة بدرجة تطورت معها العلاقة بشكل سمح للرئيس أن يطلب من الدكتور محمد البرادعي مع اقتراب رحيله عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التفرغ للإشراف علي التخطيط للأنشطة النووية التي تستعد دولته للبدء فيها، وهو الطلب الذي يعرقله بالطبع أي كلام عن ترشيح البرادعي لخوض الانتخابات الرئاسية، محاولات إقناع الرئيس العربي لم تتوقف عند إغراء الدكتور البرادعي بالعمل في دولته فقط، بل أوضح له إمكانية التفرغ لإدارة مشروع نووي عربي أسفل مظلة جامعة الدول العربية، وقيادة الجهود العربية فيما يخص معاهدة حظر الانتشار النووي، مؤكداً له أن الوطن العربي في حاجة إلي خبراته لتجاوز تلك المحنة التي مكنت إسرائيل من الانفراد بالقوة النووية في المنطقة كلها.

المنطق الذي استخدمه الرئيس العربي في الضغط علي الدكتور البرادعي اتبعه عدد من العقلاء في مصر، خاصة من هم علي دراية بطبيعة النظام المصري المعروف بالفجر في خصومته، حيث يخشي هؤلاء أن تضع الأخبار المتناثرة عن ترشيح الدكتور البرادعي للرئاسة الرجل في مواجهة شرسة مع النظام تنتهي بخصومة تدفع النظام الحاكم إلي دفن الرجل وإهالة تراب النسيان عليه، وبالتالي تضيع علي البلد فرصة الاستفادة من عالم في حجم البرادعي علي المستوي الدولي والقانوني والنووي، وهو الدرس الذي يبدو أن الدكتور البرادعي استوعبه مؤخرا، وظهر قليل من استيعابه هذا واضحاً في تصريحاته الأخيرة التي نفي خلالها فكرة خوض الانتخابات الرئاسية بشكلها الحالي، مشيراً إلي أن كل تفكيره ينحصر في العودة إلي مصر لأداء دور مميز وبسيط بين الجماهير، وهو كلام يمكن اعتباره دبلوماسيا وسياسيا من جانب رجل أدرك الكيفية التي تسير بها الأمور في مصر، فقرر أن يخفض رأسه حتى تمر عاصفة الهجوم عليه، دون أن يجد نفسه ممنوعا أصلا من دخول مصر، أو ممنوعا من ممارسة حقوقه السياسية بداخلها، ويبدو أن صورة ماحدث لأيمن نور كانت حاضرة بقوة في ذهن الدكتور البرادعي وهو يلقي بتصريحاته الأخيرة، التي أراد بها أن يجنب نفسه شر معاداة نظام لم يستعد بعد لمواجهته ولم يقرر إذا كان سيفعل ذلك أم لا.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.