تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تأجيل تعويم الجنيه المصري ينذر بهزة اقتصادية أعمق

مصدر الصورة
العرب

استقبل محللون مغامرة السلطات المصرية بإرجاء استكمال مراحل تعويم الجنيه بالكثير من القلق كونها ستخلف تداعيات اقتصادية ومالية أعمق قد لا تتمكن القاهرة من تطويقها، في ظل هامش المناورة المتاح أمام المسؤولين لمواجهة أزمة تبدو الأقسى منذ سنوات.

القاهرة - تضاءلت فرص قيام مصر بخفض قيمة عملتها مرة أخرى قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر المقبل خشية اندلاع اضطرابات شعبية، لكن مع تراجع الجنيه أمام الدولار في السوق السوداء يخشى محللون أن تكون عواقب التأجيل أوخم.

ويبدو أن الوضع السياسي يتفوق على الاقتصاد في الوقت الحالي مع عدم سماع أي حديث رسمي عن تخفيض قيمة العملة مع الاقتراب من الانتخابات.

وارتفع التضخم إلى مستويات قياسية وظهرت مشكلات اقتصادية عميقة الجذور على السطح بسبب النقص المزمن في العملة الصعبة منذ اندلاع الحرب في شرق أوروبا مطلع 2022.

ويقول محللون إن كل هذا يشير إلى الحاجة إلى خفض آخر لقيمة العملة، لكن السلطات متخوفة من الإقدام على خطوة كهذه أو فرض إجراءات تقشفية أثناء الحملة الانتخابية قد يؤدي إلى اضطرابات في وقت محفوف بتوترات سياسية شديدة.

ويأتي قرار إجراء التصويت في ديسمبر، في وقت تنفذ الحكومة ببطء خطة الإصلاح، التي تم الاتفاق عليها عندما وقعت مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويل قيمته 3 مليارات دولار العام الماضي.

 ◙ مغامرة السلطات المصرية بإرجاء استكمال مراحل تعويم الجنيه ستخلف تداعيات اقتصادية ومالية أعمق

وتحتاج الحكومة إلى تنفيذ تلك الخطة، التي تشكل عناوينها الرئيسية تعويم حر للعملة والإسراع ببيع أصول الدولة لتضييق العجز في ميزانيتها وفي ميزان معاملاتها الجارية للحصول على جميع الأموال.

وتضمَّن الجزء الرئيسي من الاتفاقية مع صندوق النقد الالتزام بالتحوّل إلى نظام سعر صرف مرن لتجنب تراكم الضغوط في النظام النقدي.

وبدلا من ذلك، على الرغم من خفض قيمة العملة ثلاث مرات منذ أوائل 2022، لا تزال العملة المحلية مقوَّمة بأعلى من قيمتها مقارنة بسعرها في السوق الموازية.

ويُتداول الجنيه في السوق الرسمية عند نحو 30.9 جنيها للدولار، لكنه أضعف بنحو 20 في المئة في السوق الموازية، أي عند نحو 39.5 جنيها، مما يسلط الضوء على ندرة العملة الصعبة في البلاد.

وفي يونيو الماضي، حذر الرئيس عبدالفتاح السيسي من أن مصر لن تكون قادرة على تحمل المزيد من الضعف في قيمة الجنيه، خشية أن يؤدي ذلك إلى تسارع التضخم الذي قفز منذ ذلك الحين إلى مستوى قياسي بلغ 37 في المئة.

ومنذ مارس الماضي، أبقت القاهرة على سعر صرف ثابت للجنيه مقابل الدولار عند 30.85 للشراء و30.95 للبيع حتى مع تراجع العملة المحلية في السوق السوداء إلى نحو 40 جنيها للدولار بحلول منتصف مايو.

وفي العام الماضي وحتى مارس 2023، خسر الجنيه نحو نصف قيمته الرسمية، مع انخفاض قيمة العملة المصحوب بموجات عالية من التضخم.

وقال جيمس سوانستون، من كابيتال إيكونوميكس، في مذكرة "أكدت الحكومة قلقها من أن الانخفاض السابق في قيمة العملة وارتفاع التضخم قد سببا ألما شديدا للشعب المصري. ولا شك أن المسؤولين يشعرون بالقلق من خطر حدوث اضطرابات اجتماعية".

وارتفع التضخم سريعا في عام حتى أغسطس من العام الجاري إلى مستوى قياسي بلغ 37.4 في المئة وزاد المعروض النقدي 24 في المئة مما يعني ضعفا أكبر محتملا للعملة.

وقال فاروق سوسة، من بنك غولدمان ساكس لوكالة رويترز، إنه “مع ارتفاع التضخم، كلما طال أمد تأخير مصر في التحرك نحو نظام أكثر مرونة لسعر الصرف، زاد الانخفاض عن المستويات الحالية للجنيه".

◙ البنوك والجهات المستوردة لجأت إلى حيل جديدة في محاولة لمواجهة نقص العملات الأجنبية

وكان من المقرر أن يصرف صندوق النقد الدفعات مرتين سنويا على مدار 46 شهرا، لكنه أرجأ سداد الدفعة، التي كانت مقررة في يونيو وسط تقارير تفيد بعدم رضاه عن التقدم الذي أحرزته مصر.

وينظر البعض إلى هذا الوضع على أنه يهدد الجدارة الائتمانية للدولة التي فاجأتها فيتش في مايو الماضي بأول خفض في التصنيف منذ عقد من الزمن.

وأصدرت فيتش تحذيرا بشأن خفض تصنيف البلد، قائلة إن “عجز ميزان المعاملات الجارية المتضخم ومدفوعات الديون الأجنبية البالغة 33.9 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة حتى منتصف 2025، يجعلان مصر عرضة للخطر".

وكتب سوانستون في المذكرة "الخطر الواضح هو أن كل هذا يؤدي إلى المزيد من التأخير في مراجعات اتفاق صندوق النقد مع مصر، ويزيد الضغط الهبوطي على الجنيه".

وقال معهد التمويل الدولي في تقرير هذا الشهر إن “قيمة الجنيه مبالغ فيها بنحو 10 في المئة”، متوقعا أن ترتفع هذه النسبة إلى نحو 20 في المئة بحلول نهاية عام 2024.

وأضاف المعهد أن كلا من "ارتفاع التضخم وانخفاضه لدى الشركاء التجاريين وسعر الصرف الثابت" يمكن أن يسهم في الضغط على الجنيه.

وقالت كارلا سليم من بنك ستاندرد تشارترد إنه “من الممكن أن يؤدي تأخير تخفيض قيمة الجنية إلى التخفيف من وطأة تعديل سعر الصرف بشرط أن تمضي الحكومة قدما في بيع الأصول".

◙ ارتفاع التضخم وانخفاضه يمكن أن يسهم في الضغط على الجنيه

وأضافت “أعتقد أن تأخر تخفيض قيمة العملة قد يعني في الواقع تعديلا أقل حدة لأن السلطات ستكون قد سمحت بالمزيد من الوقت لتدفقات الدولار الأميركي من مبيعات الأصول، مما يؤدي إلى المزيد من التضييق في صافي مركز الالتزامات الأجنبية".

ويقول مصرفيون ومستوردون ومحللون إن البنوك والجهات المستوردة لجأت إلى حيل جديدة للالتفاف على القيود المفروضة على فتح خطابات الاعتماد أو تجهيز المدفوعات النقدية المباشرة للواردات في محاولة لمواجهة نقص العملات الأجنبية.

وأكدت أوساط اقتصادية محلية أن تقلص عدد المصانع والمدخلات الأخرى أدى إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي لأكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.

وبدأ المصدرون في التعاون مع المستوردين لشراء السلع، وذلك بعد الاستفادة من العملات الأجنبية التي توفرت لديهم جراء بيع منتجات إلى الخارج.

كما يشتري المستوردون الدولار بالجنيه المصري في السوق السوداء، ثم يبيعونه مرة أخرى لبنوك معينة بسعر الصرف الرسمي لتفتح لهم هذه البنوك خطابات اعتماد بقيمة العملية بالجنيه، بالإضافة إلى فرض علاوة تتراوح من 10 إلى 20 في المئة.

وأكد مستوردان لرويترز أن هذا يمكن أن يرفع تكلفة البضائع التي يتم شراؤها من الخارج بواقع 35 في المئة.

ووجه صندوق النقد الدولي تحذيرات للقاهرة من مغبة الإمعان في سياسة دعم الجنيه لما لها من آثار سلبية على المخزون النقدي للبلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية.

وفي وقت سابق هذا الشهر، وجه السيسي الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور، وزيادة الإعفاء الضريبي، بالإضافة إلى إطلاق عدد من مبادرات الدعم للفئات المحتاجة، وذلك بهدف مواجهة الأعباء المعيشية القاسية وتسارع التضخم وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.