تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة: 36 ساعة حاسمة

مصدر الصورة
وكالات

إذا كانت روسيا عاشت 36 ساعة من القلق والخوف، يوم السبت الماضي، جراء إعلان قائد مجموعة «فاغنر»، يفغيني بريغوجين، التمرّد، والتهديد بالزحف على موسكو بعد أن تمكنت قواته من الاستيلاء على مقر القيادة الجنوبية للقوات الروسية في مدينة روستوف، فإن العالم ظل يتابع التطورات لحظة بلحظة، منقسماً بين من كان ينتظر تطورات دراماتيكية، تُدخل روسيا في أتون حرب داخلية تنعكس آثارها على مسيرة الحرب الأوكرانية، بما يؤدي إلى تحقيق هدف هزيمة روسيا، وانسحابها من المناطق التي احتلتها في إقليمي دونباس ودونيتسك، وربما من شبه جزيرة القرم، وبين من كان ينظر إلى ما جرى خلال تلك الساعات بقلق، لأن تداعيات تحوّل التمرد إلى صراع دموي داخلي سوف يؤدي إلى خلل هائل في بنية دولة كبرى تشارك في عملية تحول باتجاه قيام نظام دولي جديد أكثر عدلاً، كما أنه يهدد وحدة واستقرار روسيا، وربما أوروبا، والعالم.

 الدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة، كانت تراقب، وترى أن ما يحدث يمثل «تصدّعاً حقيقياً» على مستوى السلطة في روسيا، ويشكل «تحدياً مباشراً لسلطة بوتين»، حسب تعبير وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، كما كانت تأمل أن يأخذ التمرد مداه، وتحصل المواجهة المأمولة.

لكن، من دون التهوين مما جرى، فإن تمرد مجموعة عسكرية (غير رسمية) مثل «فاغنر»، تعمل خارج المؤسسة العسكرية الروسية النظامية، ولكنها في الوقت نفسه تؤدي غرضاً عسكرياً في إطار خدمة الدولة الروسية، فإن ذلك لا يشكل خطراً يهدد المؤسسة العسكرية بالذات، ذلك أنه لا يمكن قياس قدرات وإمكانات نحو خمسة وعشرين ألف مقاتل من «فاغنر»، مقابل إمكانات وقدرات أكثر من مليون جندي، لكن أية مواجهة عسكرية مع التمرد سوف تنعكس نتائجها بالتأكيد، على حالة الاستقرار الداخلي، ثم على مسيرة الحرب في أوكرانيا، خصوصاً إذا كانت المخابرات الغربية أعدّت قوى داخلية تتولى استكمال مهمة الفوضى، وهو أمر لا بد أنه كان في حسبان القيادة الروسية التي سارعت إلى القبول بمبادرة الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، التي قضت بوضع حد للتمرد، من خلال صيغة تسوية قضت بإبعاد بريغوجين إلى بيلاروسيا، وإسقاط التهم التي وجهت إليه، ومن بينها «الخيانة»، وعرض عقود على بقية المقاتلين للعمل مع وزارة الدفاع.

في هذا القرار الحكيم والمتعقل، تجاوزت روسيا أزمة كبرى كان يمكن أن تهدد كيانها ودورها، الأمر الذي يعني إحباط أحلام غربية كانت تراود أكثر من زعيم ودولة، بأن يأخذ التمرد مداه وتنخرط روسيا في اقتتال داخلي، ما يشكل «إخفاقاً استراتيجياً» للرئيس الروسي بوتين.

 الحياة الطبيعية تعود إلى موسكو وروستوف، وغيرهما من المناطق بعد تلك الساعات العصيبة، من دون أن تؤثر في مجرى الحرب، وأداء القوات الروسية فيها.. لكن ما حدث سوف يؤدي إلى مراجعة لدى الكرملين بشأن ترتيبات الداخل على مختلف المستويات، خصوصاً على المستوى العسكري.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.